الاثنين، 13 ديسمبر 2010

الأشواق الربانية والأشواك الأرضية
أ.د. صلاح الدين سلطان
الأشواق الربانية نغم يشبع النفس أمنا، (أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام: 82)، والأشواك ألم يملأ النفس حزنا.
الأشواق مشاعر تضيء المشاعل، والأشواك متاعب تضاعف المشاغل.
الأشواق أنوار في القلب تهيجه نحو المكارم، والأشواك ظلمات في القلب تجره نحو المغارم، الأشواق إلى الله تحول الصلاة خشوعا، والصوم احتسابا، والصدقة إحسانا، والذكر طوعا، والعفو طبعا، والخير وفيرا، والقليل كثيرا، والرضا بما قسمه الله أصيلا، والسخط دخيلا.
والأشواك في الطريق إلى الله تقطع الصلاة بالشواغل، والصيام بالغيبة والنميمة،والحج بالرفث والفسوق والجدال، وتجعل الزكاة مغرما، والذكر نادرا، والعفو مستحيلا، والكثير قليلا.

الأشواق إلى رسول الله تجعلنا ندرس سيرته، ونعرف مناقبه، ونتأسى بسنته، ونكثر من الصلاة عليه، ونسارع إلى حماية دينه وحمل رسالته، وتبليغ دعوته والتمكين لملته، والتضرع لله أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى في جنته.
والأشواك في طريقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعلنا ننسى سيرته، وننكر مناقبه، ونتأسى بأعدائه، ونلهث وراء كل ناعق، ونزحف وراء كل فاجر.

الأشواق إلى الأحباب في الله تدفع إلى التزاور والتجاور، والتحاور والتشاور، والتناصح والتذاكر، والبذل والعطاء، والإيثار والإحسان، والعفو والصفح، والإحساس بهم في الأفراح والأتراح، كما قال الشاعر:
أخي إن بَسِمت فمن مبْسَمي وإن أنت نُحْتَ فمن أضلعي
لغة المتحابين في الله الشعور بالغنى والقوة والحماية والعناية من خلال كلمة "نحن"، وسمتهم رحماء بينهم، أذلة على بعضهم، لا يكاد يعرف قائدهم من جنودهم، يتسابقون إلى المغارم ويقلون عند المغانم.
والأشواك في طريق الإخاء تحاسد وتحاقد، وتباغض وتباعد، وشقاق ونفاق، وتنافس على عرض زائل، وتسابق إلى منصب زائف، تعلو معها الأنانية، وتزداد الكراهية، حوارهم عتاب، ووجوهم أنياب، وقلوبهم سراب وأفئدتهم هواء، لغتهم "أنا أو الطوفان"، وسمتهم أشبه بغابة يأكل فيها القوي الضعيف، ويمكر الضعيف بالقوي، يكثرون عند الطمع، ويقلون عند الفزع.

الأشواق تدفع صاحبها إلى بذل الفرض قبل الفضل، ويستفرغ غاية وسعه للوصول إلى رضا الحبيب.
والأشواك تجعل صاحبها مغلول اليدين، ضعيف الحيلة، خبيث النفس كسلان.
الأشواق نعمة، والأشواك نقمة.
الأشواق رحمة، والأشواك قسوة.
الأشواق ترفع صاحبها إلى أعلى الدرجات، والأشواك تنزل بصاحبها إلى أسفل الدركات.
عنوان الأشواق: (إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) (التوبة:59)، وعنوان الأشواك: (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (المؤمنون:37).

يا قوم هيِّجوا الأشواق إلى الله ثم إلى رسول الله ثم إلى الصالحين من عباد الله ثم إلى فعل الخير ونفع الغير، وكفكفوا الأشواك التي تُظلم الصدور، وتُقسِّي القلوب، وتُحجّر العقول، وتُغلُّ اليدين، وتعمي العينين أن تبصر الطريق إلى الرفيق الأعلى.

هناك 5 تعليقات:

  1. ذلك ماكنت انتظر بالفعل

    الأشواق رحمة، والأشواك قسوة

    انا جربت المعنى دا من فترة قريبة اوى فعلا ... القرب من الله و احبابنا فى الله قوةوالعكس صحيح


    ملحوظة صغنونة

    انا هعمل تنويه عن المدونة عندى عشان حاسة انها هتبقى مفيدة وهيبقى فيها فكر يحترم فعلا

    ردحذف
  2. تم الاعلان عن انطلاق المدونة بحمد الله

    http://jartelamr.blogspot.com/2010/12/blog-post_13.html

    ردحذف
  3. بوست جميل
    وافتتاحيه جميلة معطره بذكر الله ورسوله
    نفعك الله به

    ردحذف
  4. بداية موفقة وشكرا لجارة القمر حيث شجعتك لغنشاء المدونة و أعلمتنا بها .كلمات منتقاه تحيي في المرء حبه لدينه...شكرا لكما

    ردحذف
  5. أشكر لكل إخواني هذا الثناء و أرجو أن تعطوني رأيكم في سلسلة المقالات الجديد ( يا داوود ) و لكم جزيل الشكر

    ردحذف