الجمعة، 17 ديسمبر 2010

يا داوود ( १-१ ) بقلم " أبو سلسبيل "

التعلم بالموقف و الاستراتيجيات الحديثة في التعليم و هذه الثورة الهائلة في النظم التربوية و المستوردة من الغرب و التي نقف أمامها مشدوهين حين الدراسة و نقف أمامها عجزة أثناء التنفيذ مدعين الأسباب الوجيهة و غير الوجيهة - كل ذلك هو صميم تراثنا و أصل حضارتنا التي غفلنا عنها دهرا و سرقها منا اللصوص و أعادوا تصديرها لنا بحروف لاتينية ننفق الكثير في ترجمتها
لذا أرجو في السلسلة القادمة إلقاء الضوء على حقيقة إدعائي هذا بالطرق العلمية
و الأدلة و البراهين حتى يعود الحق لأهله
و أول هذه الطرق " التعلم بالموقف " و لا أدري ترجمتها للإنجليزية
- اختار الله عز و جل سيدنا داوود ليكون ملكا رسولا أي خليفة لله في الأرض يحقق مراد الخالق بوسائل المخلوق في ضوء التعاليم الربانية و لكن لا بد لهذا الملك الخليقة أن يتسلح بالحكمة الصائبة و هي العدل الذي هو أساس الملك فكان هذا الموقف التربوي المتميز و لنترك للآيات الكريمة أن تتحدث فهي أفصح لسانا و أوفى بيانا ثم نسرد عبارات التعجب و الثناء و الإذعان و الدروس المستفادة
{ وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ ﴿٢١﴾ إِذْ دَخَلُوا عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ ۖ قَالُوا لَا تَخَفْ ۖ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَىٰ سَوَاءِ الصِّرَاطِ ﴿٢٢﴾ إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ﴿٢٣﴾ قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ ۖ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ۗ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ ۩ ﴿٢٤﴾ فَغَفَرْنَا لَهُ ذَٰلِكَ ۖ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَآبٍ }
- يفاجأ سيدنا داوود بالخصمين أمامه و هما يتسوران المحراب مكان خلوته
- رد الفعل الطبيعي الفزع فهذا مكان له خصوصيه و لا يدخله أحد إلا بإذنه فكيف استطاعا الدخول و من أذن لهما
- داوود مقصد السائلين و اللاجئين إليه للحكم في الخصومات لما عرف عنه من العدل
- يسارع الخصمان بالإجابة و لعله عليه السلام وجه لهما سؤالا عن سبب مجيئهما
أو دخولهما هكذا
- عرض القضية " خصمان بغى بعضنا على بعض "
- الهدف من الحضور " الحكم بالعدل و عدم الشطط و الهداية للطريق المستقيم "
- التأكيد على قيمة العدل فعلى الرغم من علم الخصم بعدل داوود الفطري إلا أنهما يؤكدان على عدم الشطط لأن سبب الشطط ليس بالضرورة بسبب قصد الظلم و لكن
له أسباب متعددة
- الدخول في تفصيل الخصومة ( أحد الخصمين له نعجة و أخوه له تسع و تسعون نعجة ) و مع ذلك يريد صاحب الحظوة الكبرى أن يصل عدد نعاجة إلى المائة । سبحان الله " لو كان لابن آدم واديان من ذهب لتمنى أن يكون له ثالث "
- القضية واضحة وضوح الشمس لا تحتاج حكما فلماذا أتيا إليه الأولى أن يتصدق صاحب التسعة و التسعين بنعجتين على الأقل
- الحكم و اضح ( لقد ظلم صاحب التسعة و التسعين صاحب الواحدة )
- باقي المذكرة التفسيرية ( و هذا أمر طبيعي يحدث كثيرا بين الخلطاء )
- ثم تردف المذكرة بيانا مهما و هو سبب ذلك و هو غياب الإيمان فالفئة الوحيدة المعصومة من ذلك هي الفئة المؤمنة متجددة الإيمان
- الإقرار بندرة هذه الفئة
- مفاجأة !ينظر داوود عن يمينه و شماله و في أرجاء المحراب جميعا فلا يرى أحدا
- الإدراك السريع للنفس المؤمنة التي تجيد قراءة الرسائل الربانية
- علم داوود أنه لم يكن موفقا في حكمه
- ما يدريه أن المتحدث صادقا " و لكن القضية واضحة "
- ما يدريه أن الآخر لم يكن تحت نوع ما من التهديد " و لكن القضية واضحة "
- و أين الشهود " و لكن القضية واضحة "
- و هل كان داوود مؤهلا للحكم و هو في هذه الحالة من الفزع " إذ تسوروا المحراب "
- الملاذ الأخير للطائعين و العاصين و المخطئين و هو الاستغفار بل الاستغراق فيه ركوعا و سجودا و ذلة لله عز و جل
- كل ذلك حبا في داوود تأهيلا له من ربه العلي القدير ليكون خليفة بحق " و إن له عندنا لزلفى و حسن مآب "
أين ذلك من حكام و قضاة اليوم ؟!
بل أين ذلك من التعلم بالموقف ؟!

الاثنين، 13 ديسمبر 2010

الأشواق الربانية والأشواك الأرضية
أ.د. صلاح الدين سلطان
الأشواق الربانية نغم يشبع النفس أمنا، (أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام: 82)، والأشواك ألم يملأ النفس حزنا.
الأشواق مشاعر تضيء المشاعل، والأشواك متاعب تضاعف المشاغل.
الأشواق أنوار في القلب تهيجه نحو المكارم، والأشواك ظلمات في القلب تجره نحو المغارم، الأشواق إلى الله تحول الصلاة خشوعا، والصوم احتسابا، والصدقة إحسانا، والذكر طوعا، والعفو طبعا، والخير وفيرا، والقليل كثيرا، والرضا بما قسمه الله أصيلا، والسخط دخيلا.
والأشواك في الطريق إلى الله تقطع الصلاة بالشواغل، والصيام بالغيبة والنميمة،والحج بالرفث والفسوق والجدال، وتجعل الزكاة مغرما، والذكر نادرا، والعفو مستحيلا، والكثير قليلا.

الأشواق إلى رسول الله تجعلنا ندرس سيرته، ونعرف مناقبه، ونتأسى بسنته، ونكثر من الصلاة عليه، ونسارع إلى حماية دينه وحمل رسالته، وتبليغ دعوته والتمكين لملته، والتضرع لله أن يجمعنا به في الفردوس الأعلى في جنته.
والأشواك في طريقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعلنا ننسى سيرته، وننكر مناقبه، ونتأسى بأعدائه، ونلهث وراء كل ناعق، ونزحف وراء كل فاجر.

الأشواق إلى الأحباب في الله تدفع إلى التزاور والتجاور، والتحاور والتشاور، والتناصح والتذاكر، والبذل والعطاء، والإيثار والإحسان، والعفو والصفح، والإحساس بهم في الأفراح والأتراح، كما قال الشاعر:
أخي إن بَسِمت فمن مبْسَمي وإن أنت نُحْتَ فمن أضلعي
لغة المتحابين في الله الشعور بالغنى والقوة والحماية والعناية من خلال كلمة "نحن"، وسمتهم رحماء بينهم، أذلة على بعضهم، لا يكاد يعرف قائدهم من جنودهم، يتسابقون إلى المغارم ويقلون عند المغانم.
والأشواك في طريق الإخاء تحاسد وتحاقد، وتباغض وتباعد، وشقاق ونفاق، وتنافس على عرض زائل، وتسابق إلى منصب زائف، تعلو معها الأنانية، وتزداد الكراهية، حوارهم عتاب، ووجوهم أنياب، وقلوبهم سراب وأفئدتهم هواء، لغتهم "أنا أو الطوفان"، وسمتهم أشبه بغابة يأكل فيها القوي الضعيف، ويمكر الضعيف بالقوي، يكثرون عند الطمع، ويقلون عند الفزع.

الأشواق تدفع صاحبها إلى بذل الفرض قبل الفضل، ويستفرغ غاية وسعه للوصول إلى رضا الحبيب.
والأشواك تجعل صاحبها مغلول اليدين، ضعيف الحيلة، خبيث النفس كسلان.
الأشواق نعمة، والأشواك نقمة.
الأشواق رحمة، والأشواك قسوة.
الأشواق ترفع صاحبها إلى أعلى الدرجات، والأشواك تنزل بصاحبها إلى أسفل الدركات.
عنوان الأشواق: (إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ) (التوبة:59)، وعنوان الأشواك: (إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) (المؤمنون:37).

يا قوم هيِّجوا الأشواق إلى الله ثم إلى رسول الله ثم إلى الصالحين من عباد الله ثم إلى فعل الخير ونفع الغير، وكفكفوا الأشواك التي تُظلم الصدور، وتُقسِّي القلوب، وتُحجّر العقول، وتُغلُّ اليدين، وتعمي العينين أن تبصر الطريق إلى الرفيق الأعلى.

الاثنين، 8 مارس 2010

شكر و تقدير

مي هانم محمد هي السبب في وجود هذه المدونة جزاها الله خيرا